الزمن / الثانية عشر ظهر.
لافتة كبيرة للغاية عند شقة صغيرة ، و مكتوب عليها بخط رسمى
مكتب توثيق و توكيلات
و بعض اللافتات مكتوب عليها ..
ممنوع .. ممنوع ... خطر .. قفش ..
.....................................
- ياختشى ، يا سعااااااااااااااد ... ياللى لازم تنطسى فى نظرك ..
- انا يا اختشى باردو ، انت اللى ربنا حاياخد نظرك ان شاء الله ...
- ياختشى دانتى عينك حاتفلق الحجر ، دى بتشوف خط النمنم من بعيد..
- و الله يا استاذ ، و حيات النبى بابص انا على الكلام الصغير من قريب كدتشه مابشوفوش..
لاكن لما ابص عليه من بعيد ... باشوف .. دا بعد نظر ..
- علشان كده .. انا عرفت ليه انت اتجوزتى محمد ...
- هى هيه هيييه ، بُعد نظر يا حبيبتشى ...
- 75 جنيه يا استاذ ان شاء الله ...الرسوم التقديرية للتوكيل
اخيرا نظرت الىّ ...
او بالاحرى نظرت الى طابور من البشر ، مع كل جملة من هذا الحديث الشيق يزداد طولا .. و ليس طولا فقط ، و لكن ... غضبا
دفعت المطلوب و كان المحامى بجانبى يضحك على الموقف ، لا لانه غريب ، و لكن لانه تعود على ذلك!
ثم اتجهت نحو (الاستاذة) فى المكتب المجاور لكى (تأشر) على توكيل عام رسمى قبل السفر الى المانيا خلال الاسبوع القادم .. و قالت للمحامى .. روح لنهلة و سعاد ...
ذهب المحامى الى نهلة او سعاد ، لا اتذكر لطول تأملى فى حال الموظفين فى تلك المصلحة الحكومية و اكثر فى المترددين على تلك المصلحة .. الكل فى حالة من الدوار .. فلكى تستطيع الانتهاء من الورق عليك (اللعنة) اقصد عليك ان تمر على اربعة مكاتب (لفتين) ، لفة تأشيرات ، و لفة اختام .. ثم تذهب لتسجيل التوكيل بتكنولوجيا الميكروفيلم العظيمة التى ذكرتنى بفيلم لمحمد صبحى اسمه العميل رقم 13 ..
و عند الموظفة المسئولة لكتابة صيغة التوكيل جار هذا الحديث ..
- لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا ، ماينفعش ، لا لا لا لا لا لا لا لا لا ، مستحيل
- ليه بس يا استاذة؟ .. دى الريّسة هى اللى قالت كده ، ينفع ...
- لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا ، مستحيل ، انا تعبت ، احنا اتنين بس ، كفاية يا ناس حرام مش كده ، لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا
- و الله الريّسة الاستاذة هى اللى قالت كده ، مش مشكلة هنا و لا هناك .. المهم الموضوع يخلص
- (صوت من اخر) و الله انا رجّاعونى هنا يا استاذة بعد ما وقفت فى الطابور ساعة و نص..
- لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا ، مانا عارفة ..
- (اضطررت الى الكلام) طب ازاى يا ناس .. انا عامل توكيل هنا قبل كده
- لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا ، طيب معلش المرادى مش مشكلة ، بس لازم تعرف انو ماينفعش ، انا ماشيتهالك بس علشان المعزة .. بس اصلا المفروض انو ...
- لا لا لا لا لا لا لا لا لا ، متشكر ..
اخيرا قامت الموظفة بكتابة الصيغة ، ثم قالت اذهب الى المكتب المجاور لكى تستكمل لك الكتابة ..
و عند المكتب المجاور جار هذا الحديث :
- المحامى : انا عايز صيغة بنوك
- الموظقة : حاضر .. هاظبتهولك .. (ابتسامة عريضة ) ... فاهمنى .. انا هاخلصلك الموضوع ده..
- شكرا و الله .. انت ست زوق ، انت ست ربنا يحميكى ..
- العفو يا بنى ، احنا بنعمل اللى علينا ، بس انا هاظبتهولك ياعنى عشان توبأه عارف ...
(صمت)
- انا باظبتهولك اهوه ، علشان ماتقولش انو فى حاجة ، الكتابة صعبة بس الموضوع انا ياعنى هاظبتهولك عشان انت راجل طيب ..
(صمت)
- شوفت بيتظبت ازاى ، و الله انت راجل زوق ... معاك البطاقة ..؟
- المحامى : اه .. اهيه ... (البطاقة تحتها عشرين جنيه) .. اتفضلى..
- شكرا يابنى ، خد اتفضل بأه اعمل الميكروفيلم و روح للاستاذة عشان تتأكد من الصيغة و تختم..
و عند المكتب المجاور للمكتب المجاور امام المكتب المجاور ..
- انت حسين ؟ (تنظر الى البطاقة) ..
- اه انا .. (ابتسامة عريضة)
- امضى هنا ..
- ...
- امضى هنا
- ...
- امضى هنا
- ...
- امضى هنا
- ...
- امضى هنا
- ...
- امضى هناك ..
- ...
- امضى عند صوباعى كده
- ...
- تمام .. روح بأه امضى امضة البنك عند المكتب اللى جمبنا ...
و عند المكتب اللى جمبنا ..
- انت حسين ؟
- اه .. (بدون ابتسام)
- امضى هنا ..
- ...
- امضى هنا توقيع البنك
- ...
- امضى هنا
- ...
- امضى هناك
- ...
- تمام متشكرة اوى
ثم ذهبت للاستاذة لكى تختم الاختام .. اجمل احساس يمكن ان اوصفه لك فى حياتى هو شعور تلك المرأه و هى تختم .. كما لو انها تأكل كيلو كباب مشوى مثلا ..
ختمت اربع او خمس اختام ..
ثم اعطتنى الورقة .. و انتهى الموضوع .. و استلمت التوكيل ..
الزمن / الثانية ظهرا بتوقيت القاهرة ...
الحالة / عايز ارّرررررررررروح بيتنا...
و كلها صور من الشارع
RASMY
2008