قالوا عن العشق كثيرا , وتحدثوا عن عظمته كما تحدثوا عن الأمراض والجنون الناتجة عنه , وصف
أحد الكتاب
(كوته الألماني) العشق بأنه عظيم إلى درجة بحيث أنه قال : العشق دليل الحياة وسعادة خالدة .وقال (هزيه) : العشق معمار العالم .أما (توماس مان)
فيتتقد أن العشق (يجعل الروح أكثر قوة والإنسان أكثر سعادة) .
وقد ذهب بعض الفلاسفة الشرقيين إلى أكثر من هذا فقد أعتقد بعضهم بأن : كل حركة في هذا العالم ناشئة عن نوع من العشق , حتى حركات الأفلاك والمجرات العلوية.
وعلى العكس من ذلك فإننا نجد بعض الفلاسفة والكتاب قد حملوا على العشق حملات شعواء ووصفوه بأوصاف قبيحة .
يقول أحد كتاب الشرق المعروفين :
(العشق مثل مرض السل والسرطان , مرض مزمن يجب أن يفر منه الإنسان العاقل)!أما العالم الفلكي المعروف (كوبرنيك) فقال :
(إذا لم نقل بأن العشق نوع من الجنون فهو عصارة العقول الضعيفة) .وقد إعتقد (كارلايل) بأن العشق (ليس نوعا واحدا من الجنون بل هو مركب من مجموعة أنواع) .إن هذه النظريات والآراء المتناقضة حول العشق –الكلمة المتداولة كثيرا وخاصة في الشعر والأدب- لا يجب حملها على التناقض في موضوع حقيقي واقعي , بل إن هذا الإختلاف ناشئ من إختلاف الجهة والزاوية التي ينظر منها الكتاب والفلاسفة إلى هذه الحقيقة الواقعية.
وبعبارة أخرى إن كل واحد من هؤلاء الكتاب والعلماء قد بحث بصورة واحدة من صور العشق ربما كان قد واجهها كثيرا في حياته .
وعلى هذا يجب الإعتراف بأن :
إذا كان المقصود من العششق هو قوة جاذبة بين إنسانين أو بين موجودين- أعم من الإنسان والحيوان والنبات والجماد , كما قال بعض الفلاسفة المتقدم ذكرهم – تنحو نحو هدف سام , فما أحسن هذا التصور ؟ لأن هذه القدرة الخلاقة عجيبة جدا حيث أنها تزيل بسرعة كل الموانع التي تقف في مسيرة تكاملها .
إن سبب محسنات العشق هي هذه القدرة الخلاقة والقوة العظيمة التي لا مثيل لها , حيث أننا نعلم بأن كثيرا من الإبداعات الأدبية والفنية وليدة هذه القوة الجاذبة التي نسميها العشق .
أما إذا كان المقصود من العشق بأنه قوة جاذبة قوية تجر إنسانين إلى الرذائل والجرائم ثم التلوث
والسقوط في الفحشاء والمنكر فإن ما قيل في ذمه قليل لأن الوصمات القبيحة تلتصق به لا يمكن أن تزول أبدا .
وإذا كان الهدف منه هو قوة جاذبة تخرب العقل وتشله بحيث يصبح صاحبه مجنونا فإن كل ما قيل فيه من عبارات التحقير والترذيل فهو صحيح .
الكاتب الفرنسي
(سكاندال) يقول :
(الفاصل بين العفة والوقوع في الخطأ ثم السقوط في القضايا التي ترتبط بالعشق قبلة واحدة فقط) والخلاصة فإن للعشق صورا مختلفة كثيرة وعلى هذا فيكون مدحه صحيحا وذمه وتحقيره صحيحا أيضا) .
(منقول)
ولكم مني ارق المني